في عصر تتدفق فيه محتوى الإعلانات من كل اتجاه، لم يعد المحتوى الذي يصرخ هو ما يجذب الانتباه، بل المحتوى الذي يهمس بصدق، ويلمس شيئًا نائمًا داخل القارئ.
سواء كنت تبيع منتجًا رقميًا أو خدمة استشارية أو حتى فكرة، فإن كتابة المحتوى التسويقي لم تعد مجرد حيلة بلاغية، بل فن عاطفي مدروس.
في هذا المقال، نشاركك منهجية بسيطة وعميقة، بلغة فصيحة قريبة من القلب، لكتابة محتوى تسويقي يبيع ويُحدث أثرًا حقيقيًا.
أولاً: ابدأ من الألم – لا من المنتج
معظم الناس لا يبحثون عن منتج جديد، بل يحاولون حل مشكلة تؤرقهم.
لا تقل: “منتجنا يساعدك في تنظيم وقتك.” بل قل: “هل شعرت يومًا أن يومك ينتهي دون إنجاز حقيقي؟”
ابدأ من ألم القارئ، من الجملة التي تجعله يهز رأسه ويقول: نعم، هذا أنا.
مفتاح النجاح هنا هو: التعاطف الصادق.
ثانيًا: صف المشاعر كما لو كنت تعيشها
الناس لا يتحركون بالعقل وحده، بل بالمشاعر.
✔️ اكتب عن الخوف، التشتّت، الملل، الضغط
✔️ اشرح الحالة التي يمر بها القارئ بلغة دقيقة وهادئة.
كلما شعر القارئ أنك تفهمه بعمق، ازداد استعداده للاستماع إليك.
ثالثًا: قدّم الحل بلغة الحياة اليومية
لا تكتب كخبير، بل كصديق.
بدلاً من أن تقول: “نحن نقدم حلولًا تقنية لتحسين أداء الشركات.” قل: “نساعدك على إنجاز أكثر، بجهد أقل، عبر أدوات بسيطة ومباشرة.”
اجعل لغتك حقيقية، خالية من التزييف.
رابعًا: اربط الحل بحلم أكبر
الناس لا يشترون “خدمة” أو “أداة”، بل يشترون نسخة أفضل من أنفسهم.
✔️ صف لهم الحياة التي يمكن أن تتحقق بعد استخدام المنتج. ✔️ صف السكينة، السهولة، الوضوح، الارتياح…
كل عملية شراء هي وعد بمستقبل أجمل.
خامسًا: اجعل القرار سهلاً
لا تضغط. لا تطلب كثيرًا. لا تستخدم صيغة الأمر.
بدلاً من “اشترِ الآن!” قل: “يمكنك تجربة هذا الحل اليوم، بخطوة واحدة فقط.”
اجعل الدخول في العرض يبدو كأنه طبيعي، مألوف، ومتاح.
الركائز الأساسية للمحتوى التسويقي الناجح
- وضوح الفكرة: ماذا تريد أن تقول؟ وما هو التحول الذي تعد به؟
- ترابط الرسائل: من أول جملة إلى آخر دعوة، لا تخرج عن سياق واحد.
- الاتساق البصري واللغوي: استخدم نفس الأسلوب والتصميم والصوت في كل القنوات.
- نية التأثير قبل البيع: لا تكتب لتبيع فقط، بل لتصنع فرقًا.
ما هي مراحل صناعة المحتوى؟
المراحل الأربع لخطة المحتوى (Cycle Strategy)
- التشخيص: ماذا يحتاج العميل الآن؟ ما هي حالته الذهنية؟
- البناء: تطوير الرسائل والمحتوى بناءً على تلك الحالة.
- النشر: تحديد القنوات والتوقيت الأمثل.
- التحسين: المراجعة والقياس ثم إعادة التعديل.
السلاسل المستمرة (Content Rituals)
هي المحتوى الذي يُنشر بوتيرة ثابتة ويُنتظر بشغف.
مثل: “نصيحة أسبوعية”، “رسالة كل صباح جمعة”، “ملخص شهري لحالة السوق”.
هذا النوع من المحتوى يبني الثقة، ويجعل الجمهور ينتظر جديدك بشغف.
المحتوى حسب الحالة العقلية للعميل (Psychographic Mapping)
بدلاً من استهداف الفئة العمرية أو الجغرافية فقط، اسأل:
- هل يشعر العميل بالارتباك؟ الفضول؟ الحماس؟
- هل هو في طور المقارنة أم على وشك اتخاذ القرار؟
كل حالة عقلية تحتاج رسالة مختلفة.
المحتوى بالمواسم المحلية (Seasonal & Local Relevance)
استخدم تقويم المحتوى العاطفي – Seasonal Emotions Calendar:
- في رمضان: نكتب بلغة الروح.
- في بداية السنة: لغة الأهداف والانطلاق.
- في الصيف: لغة الخفة والراحة.
كل شهر، نكتب من قلب العميل في هذا التوقيت.
إعادة التدوير (Content Repurposing)
لا تبدأ من الصفر كل مرة.
- حوّل المقال إلى سلسلة تغريدات.
- حوّل الفيديو إلى منشور نصي.
- حوّل الندوة إلى دليل PDF.
المحتوى الجيد يمكن أن يُعاد استخدامه 5 مرات على الأقل بأشكال مختلفة.
مؤشرات الأداء من زاوية التأثير (Impact-Driven KPIs)
ابتعد عن الأرقام الفارغة. ركز على:
- عدد المحادثات الناتجة عن المنشور.
- كم شخص كتب لك: “هذا المحتوى لمسني”.
- نسبة التفاعل العميق (حفظ، مشاركة، إعادة قراءة).
الهدف ليس أن يُرى المحتوى… بل أن يُغيّر
خلاصة المنهجية
الخطوة | ما تفعل |
الألم | اجذب الانتباه بالتعاطف مع مشكلة القارئ |
المشاعر | صف حالته الداخلية بصدق |
الحل | قدم عرضك بلغة إنسانية لا دعائية |
الحلم | اربط العرض برؤية مستقبلية محفّزة |
القرار | سهّل الخطوة التالية بلا ضغط |
نصيحة أخيرة:
“المحتوى الجيد لا يصرخ: اشترِ الآن… بل يهمس: هذا ما كنت تبحث عنه منذ وقت طويل.”
هذا هو الفرق بين من يكتب محتوى لملء الفراغ… ومن يكتب محتوى لملء حاجة حقيقية.
ابدأ من الإنسان، ثم ابني حوله عرضك.
أقرا أيضا